نحن نعلم أن الله سبحانه وتعالي اختص سيدنا سليمان بمعرفة لغة الطير وقد دلت الأبحاث علي أن لكل مجموعة من الطير طريقة خاصة يتفاهمون بها منها اللمس والصوت والإشارة وكما أن للطيور لغة يتفاهمون بها كذلك الحيوانات فلكل مجموعة منها لغة يتفاهمون بها ولكن في هذه الحيوان يخاطب الطير فتلك القصص وهذه الحكايات وإن كان قد علمها الله سيدنا سليمان والذي ورث ذلك عن والده سيدنا داوود فقد علمها الله منطق الطير وأوتيا من كل شئ حيث قال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل المبين , فكان سليمان عليه السلام يعلم لغة الطير الجن والإنس والطير والذين أنعم الله عليهم وسبقونا في تأليف القصص فقد ولتهم عبقريتهم إلي اختلاق شئ ولم يكن في الحسبان وإن كانت قصص خيالية غلا أنها مشوقة ومسلية فأوسعوا المجال عن الأحاديث والنوادر المتبادلة بين الطيور بأنواعها والحيوانات بأنواعها بل ومخاطبة الحيوانات لطيور وبالعكس فهذه إما عبقرية فذة أو خيال قد يسد الأفق فقد حكي عن غراب قد أختطف قطعة من الجبن وطار إلي أن حط علي شجرة وقد صادف ذلك انه كان تحت الشجرة ثعلب فعندما شم الثعلب رائحة الجبن رفع رأسه إلي فوق فرأي الغراب وفي فمه قطعة الجبن متلألئ ببياضها الناصع وهو قابضة عليها بمنقاره فانطلق الثعلب يمدح الغراب ويثني عليه ويصفه بما لا ينطبق عليه فقد وصفه وبنعمه قطعة الجبن قائلا له هل هذا وجهك أم ضياء القمر وأن ريشك كالحرير المنقوش وأنه قد جاء غلي هنا كي يوطد المحبة التي بينهما وطلب منه ان يغني كي يزيل عنه الغم والحزن والهم الذي يرافقه ويعاني منه وقد قال له ما أحلاك حين تنجلي يكون صوتك أحلي من صوت البلبل سمع الغراب هذا من الثعلب فانخدع واغتر بنفسه وأراد أن يظهر مواهبه في أن فتح فمه ليقول ياليل إلا وسقطت قطعة الجبن من فمه فقبض عليها الثعلب والتهمها وبعد أن فاز بخداعه علي قطعة الجبن أخذ يسخر من الغراب ويبدي له غباءه فقال له يا سيد الغربان إلي برئ منك فيا ليتك تتخذ من حيلتي هذه مثلا تجعله لك سندا متصلا من قلق الناس عليهم عاش وأكل الجبن والخلاصة فمن هنا قد أعتبر الغراب من تلك التوبة وتاب علي يد الثعلب وأشد وأقوي توبة .
عبد العزيز عبد الحليم عبد المطلب
أسيوط – الوليدية – شارع إسماعيل الشريف حارة أحمد سويفى
عبد العزيز عبد الحليم عبد المطلب
أسيوط – الوليدية – شارع إسماعيل الشريف حارة أحمد سويفى