حدث ونحن فى سن يناهز الثانية عشر او الخامسة عشر ونحن كنا طلبة بالمرحلة المتوسطة او الاعدادية لزميل لنا كان متفوقا ذات ذكاء خارق ومن الاوائل ينتظره مستقبل بارع وكانه كان على موعد من الترقى والعلو حتى ان اعضاء هيئة التدريس بالمدرسة كانوا يكنون له احتراما ما بعده احترام لدهاء تفكيره حتى ان زملائه بالمدرسة كانوا يبادلونه نفس الشىء من الاحترام والتودد له والقرب منه ونحن فى حيرة اذا قلنا ان عينا اصابته لذكائه الخارق ام حدثت له خلخلة عقلية من كثرة مذاكرته ومتابعته للدروس اولا بـاول ام كـان ما حدث لـه مـن بعض الحاقدين له او المتربصين به 0
فقد كان فى صغره يحب ان يسير ليلا كبعض من هم كانوا فى سنه وذلك فى وقت التقاط البلح من تحت النخيل والذى كان يسقط من تاثير الرياح فكاد له احد الاشخاص المجردين من الدين والضمير والله اعلم اذا كان ذلك او كان ينوى تخويفه وترويعه كى لا يجرؤ على التقاط البلح من تحت النخيل مرة اخرى كى يتوفر له ويلتقطه هو فقط فاستخدم طريقة جهنمية فيها لؤم كى يلقى الرعب فى قلبه ففكر فى فكرة والتى بها يبعد كل من تسول له نفسه الاقتراب من النخيل وكان يقصد فى المقام الاول ذلك الزميل الذكى لانه تعود فى كل ليلة ان يسرى تحت تلك المجموعة من النخيل لالتقاط البلح الساقط من تاثير الرياح او لان الزميل كان يعلم ان لتلك المجموعة من النخيل ثمار حلوة وطيبة المذاق فاراد المجرم الذى خطا هذه الخطوة الجهنمية ان يستحوذ لنفسه بتلك الثمار الحلوة الطيبة المذاق وكان هذا هو الدافع الوحيد الذى جعله يقبل على فعلته الشنيعة 0
واود ان اتوقف عند هذه الكلمة وأسأل سؤالا هذا :
الم يدور بخلد ذلك اللئيم بان فعلته الشنعاء والذى ينوى ان يقوم بها قد تودى بمن يراها الى الجنون الذى قد يؤدى بدوره الى الموت ؟
والجواب على هذا السؤال فالله اعلم به ففى تلك الاجابة اتجاهين الاتجاه الاول هو الذى سبق وان اشرنا اليه وهو اراد ان يستحوذ لنفسه فقط ما قد تسقطه النخيل من ثمار اما الاتجاه الثانى وهو المقصود اذا كان ليس له وازع من ضمير يعلم انه يريد به الهلاك او الجنون اذا كان يعلم بنبوغه ويكن له الحقد والتحطيم حتى لا يستمر فى السير فى طريق التقدم والنبوغ فانا لا اظلم احد واترك هذا الى الله الذى يعلم السر واخفى 0
والفعلة الشنيعة التى اقبل عليا هذا اللئيم تتلخص فى الاتى :
فقد اصطحب معه ذات ليلة فانوس وحبل طويل وربط الفانوس باحدى طرفى الحبل وقد مرر الطرف الاخر من الحبل ببكرة قد علقها فى نهاية النخلة من اعلى وظل رابضا تحت النخلة هذه فى ترقب وتحفز لرؤية هذا الزميل الموعود مع الامل والرجاء فى مستقبل باهر وعندما لمحه من بعيد حيث ان هذا الرابض تحت النخيل فى الظلام الدامس يرى من هو مقبل عليه حيث ان المقبل آتيا من الضوء واقصد الضوء الخافت فقد يرى المقبل برؤيا واضحة جلية ام يراه نصف رؤية ولكن يعرفه تمام المعرفة وخاصة اذا كان يعرفه من قبل من حيث الطول وطريقة المشى فى حالة اذا غطت على الرائى ملامح من هو مقبل عليه 0
راى اللئيم هذا الشاب النبيل فاشعل الفانوس واستمر فى سحب طرف الحبل المار بالبكرة والفانوس المشتعل والمعلق بالطرف الاخر من الحبل يرتفع الى فوق وقد يخيل الى الرائى ان الفانوس يرتفع لوحده وكانه من عمل الشيطان اوالجن حيث ان الرائى يرى الفانوس وهو يرتفع رويدا رويدا يتناسب مع السحب حيث كان السحب ايضا رويدا رويدا ولكنه لم يرى الحبل المعلق به الفانوس ولم يرى من يسحب الحبل لان هذا المشهد الذى يراه الآتى من بعيد يحدث فى ظلام دامس فيخل اليه ان يدا شيطانية تحركه مما زاد خوفه وروعه حيث دب كل هذا الخوف والرعب فى قلبه فولى هاربا الى الوراء مرتعد الفرائص يكاد يجر نفسه وهو يجاهد فى التقاط انفاسه الى ان وصل الى البيت بعد جهد مضنى متحاملا على نفسه وارتمى على فراشه دون ان ينبث بكلمة واحدة وقد احتارت الاطباء فى شفائه الى ان دعتهم الضرورة الى استدعاء المنجمين والمستعوذين بالكشف عما قد اضر به الى تلك الحالة الميئوس منها 0
وبعد كل هذا وبعد الجهد المضنى والشوط الشاق الذى سلكه اهله فى البحث عن طريقة او مسلك قد يشفيه مما حدث له جاءت عناية الله واخذت بيده وامتثل للشفاء ولكن لم يرجع الى حالته الاولى فى التفكير والتريث فجعلت هذه الحادثة التى حدثت له فى ان يتصرف احيانا تصرفات تثير الضحك والعجب ولكن من يعرفه لا يؤاخذه على اية بادرة قد تحدث له 0
فمن هذه البوادر او النوادر التى سمعتها من احد جيرانه والمقربين منه
انه جاء ذات يوم ولف ودار على ابواب البيوت واغلق غلقة كل باب والناس نيام حيث كان لكل باب من ابواب البيوت القديمة وهى بيوت الفلاحين بالقرى له علقة مثبته فى الباب من الخارج والغلقة عبارة عن قطعة خشب مستطيلة يتراوح طولها ما بين ثلاثين سنتيمترا او خمسة وثلاثون شنتيمترا وفى نهايتها على يمين الواقف امام الباب فتحة مستطيلة تتراوح ما بين العشرة والاثنى عشر سنتيمترا والفتحة لا تزيد اتساعها عن اثنين سنتيمترا يدخل بها مفتاح من الخشب عبارة عن قطعة خشب تشبه العصا تنتهى بعوج قليل على شكل زاوية منفرجة بها اسنان من الحديد على هيئة مسامير او هى مسامير مثبته فى نهاية المفتاح من اسفل لا تزيد اسنان كل مفتاح عن ثلاثة اسنان فقط قد يدخله صاحب البيت او ربة البيت فى تلك الفتحة المستطيلة التى بالغلقة وبحركة مألوفة لدى الفلاحين يفتح الباب وقد التقط هذا الشاب بعد ان اصيب بما حدث له بعدم اللا مبالاة المفاتيح التى بالبيوت وذلك كان فى ساعة متاخرة من الليل واغلق الابواب على اصحابها وقد جمع مفاتيح كل الابواب فى حجرة وانصرف الى بيته 0
ولما جاءت ساعة الصباح واستيقظ اصحاب البيوت قاصدين عملهم بالحقول فوجئوا بالابواب وقد اغلقت عليهم فاندهشوا لما اصابهم ولم يتعودوا على ذلك من قبل وبعد ان هاجت الناس وماجت وهم داخل بيوتهم قد فطن احد الرجال لما رآه فى الساعة المتاخره من الليل حيث ذلك الشاب يلف ويدورعلى الابواب ولكن لم يلقى له بالا الا عندما علم بهياج الناس داخل البيوت فدلهم على هذا الشاب قائلا رايته الليلة يلف ويدور ولم يستبعد منه فى انه هو الذى فعل ذلك 0
ويقال ان ربات البيوت قد اتجهن الى بيته يرجونه استرجاع المفاتيح اليهن وبعد الحاح شديد عليه اتى بها وقد القاها من حجرة على الارض قائلا للنساء من منكن لها مفتاح تاتى للبحث عنه والتعرف عليه فاطعنه النساء وذهبن جميعهن الى المكان الذى القى عليه المفاتيح والتقطت كل امراة مفتاح بيتها بعد ان تعرفت عليه
اما النادرة الاخرى فتتلخص فيما يلى 0
اتى ذات يوم وتسلق نخله لجمع ما بها من رطب ويبدو انه قد تسلط عليها حتى لاحظ صاحبها ما قد طرا على النخلة من نقص فى ثمارها وان يد اثمة تمتد اليها بين حين واخر فبدا يترقبها من بعيد الى ان لاحظ ذلك الشاب يتسلقها ويجمع ما بها من ثمار ناضجة فذهب الى النخلة متحفزا الامساك بالشاب المتسلق حتى اتى النخلة ووقف بجوار جزعها وامر متسلقها ان ينزل من عليها فابى الشاب النزول فعزم صاحب النخلة بالتسلق عليها والامساك به وقد تسلقها صاحبها الى ان كاد يصل الى الشاب كى يمسكه من قدميه ولكن ذكاء الشاب قد هداه الى ان يضع بعضا من التراب فى جيبه وكانه كان متوقعا ما قد يحدث له وقبل ان يصل اليه الرجل ادخل يده فى جيبه وامسك بحفنة من التراب والقاها على عينى صاحب النخلة اغشت عينيه فلم يعد يرى شيئا ولما كانت النخلة غير عاليه حيث لا يزيد طولها على خمس مترات او ست مترات فقد امسك بيديه اول الجريدة والتى قد تصل بجزع النخلة ونزل عليها الى ان وصلت يداه الى قرب نهاية الجريدة قفذ على الارض وولى هاربا بعد ان اخذ صاحب النخلة فى النزول وهو يتعسس سلم النخلة الى ان وصل الى الارض وغسل عينيه وقد وهدات الناس من روعه وثورته العارمة وذلك بعد ان علم بان الشاب قد اصابته وعكة مرضية حطت من حالته النفسية فاستسلم الرجل لما اصابه وكانت صفته التسامح فتسامح فى حقه وكان شيئا لم يكن بل اخذته العاطفة عليه بعد ان علم انه كان متفوقا ونابغا فى دروسه كما انه جاء ذات يوم وملأ حجره بالحصى والطوب والشوارع منورة والجو هادىء وجميل واخذ يمسك الحصى وينشن على لمبات الحى ويقذفها فتنكسر وتنطفىء اللمبات الى ان انقلب الحى من الانارة الى ظلام دامس وماذا تفعل الناس ؟
لقد ظهروا بمظهر نبيل فقد تعاونوا فيما بينهم وجمعوا الاموال واشتروا لمبات بدل من اللمبات التى كسرت شاعرين فيما بينهم بان الشاب الذى قام بذلك لو كان فى وعيه ما اقبل على مثل هذا العمل المشين وقد علموا انه شاب مؤدب وعلـى خلـق قويـم ولكـن مـا طـرا عليـه جعلـه يتصرف دون قصد منـه واساءة الى الغير 0
وقد حدث له هذه الحالة عند اقتراب امتحان الثانوية العامة وذلك كان فى ذروة مرضه فاجاب مادة اللغة العربية باللغة الانجليزية حتى ان المراقبين على الامتحان قد لمسوا حالته وما يعانيه من تعب نفسى متعاطفين معه فى صورة استعجاب واستغراب حتى ان نجاحه كان ميئوسا منه الى ان اتت عناية الله واعيد امتحان الثانوية العامة مرة ثانية حيث اذاعت اسرائيل وقتها ما اكتشفته من اسئلة لبعض المواد وان لم تكن المواد كلها قبل موعد الامتحان وحيث انه قد مثل للشفاء وان لم يكن الشفاء بالقدر المناسب فقد ادى الامتحان مرة اخرى ونجح ولكن ليس بالنجاح المطلوب والذى كان ينبغى لطالب ذكى ذا قدرة عاليه من الادراك والفهم ورغم فذاذته فى التعليم ورغم ان ادت به الظروف الى عدم مواصلة التعليم الا ان زملائه من الذين وصلوا الى اعلى الدرجات من العلم والمعرفة كانوا يكنون له فيما بينهم وبين انفسهم الاحترام لانهم يعلمون انه كان عمهم وتاج راسهم ولولا ظروفه التى احاطت به ما كل ولا مل فارادة الله فوق كل ارادة فرغم الذكاء الخارق الا ان الظروف حالت دون تحقيق ماربه ورغم كل هذا لم يياس فى عمله المتواضع الذى لو قيس بذكاءه وعبقريته لوجدناه ادنى من المتواضع 0
من هنا نعلم ان المستقبل بيد الله والارزاق بيد الله ونحن كبشر مسيرين وليس مخيرين فالله يسيرنا الى ما يشاء رغم اختيارنا لما نشاء ولكن الاختيار الاول والاخير لله الذى يختار لنا ما يشاء وانه يختار لنا الاصلح فكم من اناس كثيرين وغير متعلمين ولكن ارزاقهم واسعة فالله يرزق ما يشاء بغير حساب وقد يكلفون بعض المتعلمين كى يعملون لهم نظير اجر معين فقد قال بعض احد العلماء ومن المفسرين للقرآن الكريم قال وهو يلقى محاضرته على الحلقة الملتفه به والذى يقوم بوعظهم قال بيقولوا ابن فلان نفع وابن فلان منفعش فقيل له تعالى ياسيدى ومتزعلش اللى نفع شغال عند اللى منفعش وهذه حقيقة نلمسها ونراها رؤى العين وهذا دليل على هذه المقولة 0
وليس هذا بالدليل القاطع على اننا نترك العلم والتعليم كلا فقد امرنا الله سبحانه وتعالى بالعلم فى سورة القلم حين نزل سيدنا جبريل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى غار حراء وجذبه وقال له اقرأ فرد قائلا ما انا بقارىء فقال له جبريل اقرأ باسم ربك الذى خلق الى اخر السورة وما قاله نبينا فى فى احدى احاديثه " اطلبوا العلم ولو فى الصين " فقد يكون الطالب عبقريا فى صغره ولكن الظروف التى قد تؤدى به الى عدم مواصلة تعليمه لن تجعله يستسلم للحياة وانما يكافح ويكافح كى يعوض ما فاته وسبقه اليه من كانوا دونه فى صغره وايام فترة حياته الاول فمن اراد الله لانسان بشىء فلا بد من تحقيق ارادته فيه 0
فالخيرة فيمن اختارها الله لعبده فقد قال الله تعالى فى كتابه العزيز " بسم الله الرحمن الرحيم " عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم " صدق الله العظيم "
فكم من اناس نراهم عن قرب وقد وصلوا الى الدرجات العلا فى التعليم ولكن لو يوفقوا فى حياتهم مع اسرهم واولادهم وكم من اناس دون ذلك وحياتهم سعيدة موفقة مع اسرهم واولادهم فالانسان منا لم يحقق كل ما يريده او يصبوا اليه فالحياة لم تكتمل ابدا واذا اوشكت على الكمال لاى شخص فلا بد وان تنقص فالكمال لله وحده وعلينا نحن كبشر ان نعمل ونتقن عملنا ولكن التخطيط والتدبير فمن الله فهو الفعال لما يريد
فقد كان فى صغره يحب ان يسير ليلا كبعض من هم كانوا فى سنه وذلك فى وقت التقاط البلح من تحت النخيل والذى كان يسقط من تاثير الرياح فكاد له احد الاشخاص المجردين من الدين والضمير والله اعلم اذا كان ذلك او كان ينوى تخويفه وترويعه كى لا يجرؤ على التقاط البلح من تحت النخيل مرة اخرى كى يتوفر له ويلتقطه هو فقط فاستخدم طريقة جهنمية فيها لؤم كى يلقى الرعب فى قلبه ففكر فى فكرة والتى بها يبعد كل من تسول له نفسه الاقتراب من النخيل وكان يقصد فى المقام الاول ذلك الزميل الذكى لانه تعود فى كل ليلة ان يسرى تحت تلك المجموعة من النخيل لالتقاط البلح الساقط من تاثير الرياح او لان الزميل كان يعلم ان لتلك المجموعة من النخيل ثمار حلوة وطيبة المذاق فاراد المجرم الذى خطا هذه الخطوة الجهنمية ان يستحوذ لنفسه بتلك الثمار الحلوة الطيبة المذاق وكان هذا هو الدافع الوحيد الذى جعله يقبل على فعلته الشنيعة 0
واود ان اتوقف عند هذه الكلمة وأسأل سؤالا هذا :
الم يدور بخلد ذلك اللئيم بان فعلته الشنعاء والذى ينوى ان يقوم بها قد تودى بمن يراها الى الجنون الذى قد يؤدى بدوره الى الموت ؟
والجواب على هذا السؤال فالله اعلم به ففى تلك الاجابة اتجاهين الاتجاه الاول هو الذى سبق وان اشرنا اليه وهو اراد ان يستحوذ لنفسه فقط ما قد تسقطه النخيل من ثمار اما الاتجاه الثانى وهو المقصود اذا كان ليس له وازع من ضمير يعلم انه يريد به الهلاك او الجنون اذا كان يعلم بنبوغه ويكن له الحقد والتحطيم حتى لا يستمر فى السير فى طريق التقدم والنبوغ فانا لا اظلم احد واترك هذا الى الله الذى يعلم السر واخفى 0
والفعلة الشنيعة التى اقبل عليا هذا اللئيم تتلخص فى الاتى :
فقد اصطحب معه ذات ليلة فانوس وحبل طويل وربط الفانوس باحدى طرفى الحبل وقد مرر الطرف الاخر من الحبل ببكرة قد علقها فى نهاية النخلة من اعلى وظل رابضا تحت النخلة هذه فى ترقب وتحفز لرؤية هذا الزميل الموعود مع الامل والرجاء فى مستقبل باهر وعندما لمحه من بعيد حيث ان هذا الرابض تحت النخيل فى الظلام الدامس يرى من هو مقبل عليه حيث ان المقبل آتيا من الضوء واقصد الضوء الخافت فقد يرى المقبل برؤيا واضحة جلية ام يراه نصف رؤية ولكن يعرفه تمام المعرفة وخاصة اذا كان يعرفه من قبل من حيث الطول وطريقة المشى فى حالة اذا غطت على الرائى ملامح من هو مقبل عليه 0
راى اللئيم هذا الشاب النبيل فاشعل الفانوس واستمر فى سحب طرف الحبل المار بالبكرة والفانوس المشتعل والمعلق بالطرف الاخر من الحبل يرتفع الى فوق وقد يخيل الى الرائى ان الفانوس يرتفع لوحده وكانه من عمل الشيطان اوالجن حيث ان الرائى يرى الفانوس وهو يرتفع رويدا رويدا يتناسب مع السحب حيث كان السحب ايضا رويدا رويدا ولكنه لم يرى الحبل المعلق به الفانوس ولم يرى من يسحب الحبل لان هذا المشهد الذى يراه الآتى من بعيد يحدث فى ظلام دامس فيخل اليه ان يدا شيطانية تحركه مما زاد خوفه وروعه حيث دب كل هذا الخوف والرعب فى قلبه فولى هاربا الى الوراء مرتعد الفرائص يكاد يجر نفسه وهو يجاهد فى التقاط انفاسه الى ان وصل الى البيت بعد جهد مضنى متحاملا على نفسه وارتمى على فراشه دون ان ينبث بكلمة واحدة وقد احتارت الاطباء فى شفائه الى ان دعتهم الضرورة الى استدعاء المنجمين والمستعوذين بالكشف عما قد اضر به الى تلك الحالة الميئوس منها 0
وبعد كل هذا وبعد الجهد المضنى والشوط الشاق الذى سلكه اهله فى البحث عن طريقة او مسلك قد يشفيه مما حدث له جاءت عناية الله واخذت بيده وامتثل للشفاء ولكن لم يرجع الى حالته الاولى فى التفكير والتريث فجعلت هذه الحادثة التى حدثت له فى ان يتصرف احيانا تصرفات تثير الضحك والعجب ولكن من يعرفه لا يؤاخذه على اية بادرة قد تحدث له 0
فمن هذه البوادر او النوادر التى سمعتها من احد جيرانه والمقربين منه
انه جاء ذات يوم ولف ودار على ابواب البيوت واغلق غلقة كل باب والناس نيام حيث كان لكل باب من ابواب البيوت القديمة وهى بيوت الفلاحين بالقرى له علقة مثبته فى الباب من الخارج والغلقة عبارة عن قطعة خشب مستطيلة يتراوح طولها ما بين ثلاثين سنتيمترا او خمسة وثلاثون شنتيمترا وفى نهايتها على يمين الواقف امام الباب فتحة مستطيلة تتراوح ما بين العشرة والاثنى عشر سنتيمترا والفتحة لا تزيد اتساعها عن اثنين سنتيمترا يدخل بها مفتاح من الخشب عبارة عن قطعة خشب تشبه العصا تنتهى بعوج قليل على شكل زاوية منفرجة بها اسنان من الحديد على هيئة مسامير او هى مسامير مثبته فى نهاية المفتاح من اسفل لا تزيد اسنان كل مفتاح عن ثلاثة اسنان فقط قد يدخله صاحب البيت او ربة البيت فى تلك الفتحة المستطيلة التى بالغلقة وبحركة مألوفة لدى الفلاحين يفتح الباب وقد التقط هذا الشاب بعد ان اصيب بما حدث له بعدم اللا مبالاة المفاتيح التى بالبيوت وذلك كان فى ساعة متاخرة من الليل واغلق الابواب على اصحابها وقد جمع مفاتيح كل الابواب فى حجرة وانصرف الى بيته 0
ولما جاءت ساعة الصباح واستيقظ اصحاب البيوت قاصدين عملهم بالحقول فوجئوا بالابواب وقد اغلقت عليهم فاندهشوا لما اصابهم ولم يتعودوا على ذلك من قبل وبعد ان هاجت الناس وماجت وهم داخل بيوتهم قد فطن احد الرجال لما رآه فى الساعة المتاخره من الليل حيث ذلك الشاب يلف ويدورعلى الابواب ولكن لم يلقى له بالا الا عندما علم بهياج الناس داخل البيوت فدلهم على هذا الشاب قائلا رايته الليلة يلف ويدور ولم يستبعد منه فى انه هو الذى فعل ذلك 0
ويقال ان ربات البيوت قد اتجهن الى بيته يرجونه استرجاع المفاتيح اليهن وبعد الحاح شديد عليه اتى بها وقد القاها من حجرة على الارض قائلا للنساء من منكن لها مفتاح تاتى للبحث عنه والتعرف عليه فاطعنه النساء وذهبن جميعهن الى المكان الذى القى عليه المفاتيح والتقطت كل امراة مفتاح بيتها بعد ان تعرفت عليه
اما النادرة الاخرى فتتلخص فيما يلى 0
اتى ذات يوم وتسلق نخله لجمع ما بها من رطب ويبدو انه قد تسلط عليها حتى لاحظ صاحبها ما قد طرا على النخلة من نقص فى ثمارها وان يد اثمة تمتد اليها بين حين واخر فبدا يترقبها من بعيد الى ان لاحظ ذلك الشاب يتسلقها ويجمع ما بها من ثمار ناضجة فذهب الى النخلة متحفزا الامساك بالشاب المتسلق حتى اتى النخلة ووقف بجوار جزعها وامر متسلقها ان ينزل من عليها فابى الشاب النزول فعزم صاحب النخلة بالتسلق عليها والامساك به وقد تسلقها صاحبها الى ان كاد يصل الى الشاب كى يمسكه من قدميه ولكن ذكاء الشاب قد هداه الى ان يضع بعضا من التراب فى جيبه وكانه كان متوقعا ما قد يحدث له وقبل ان يصل اليه الرجل ادخل يده فى جيبه وامسك بحفنة من التراب والقاها على عينى صاحب النخلة اغشت عينيه فلم يعد يرى شيئا ولما كانت النخلة غير عاليه حيث لا يزيد طولها على خمس مترات او ست مترات فقد امسك بيديه اول الجريدة والتى قد تصل بجزع النخلة ونزل عليها الى ان وصلت يداه الى قرب نهاية الجريدة قفذ على الارض وولى هاربا بعد ان اخذ صاحب النخلة فى النزول وهو يتعسس سلم النخلة الى ان وصل الى الارض وغسل عينيه وقد وهدات الناس من روعه وثورته العارمة وذلك بعد ان علم بان الشاب قد اصابته وعكة مرضية حطت من حالته النفسية فاستسلم الرجل لما اصابه وكانت صفته التسامح فتسامح فى حقه وكان شيئا لم يكن بل اخذته العاطفة عليه بعد ان علم انه كان متفوقا ونابغا فى دروسه كما انه جاء ذات يوم وملأ حجره بالحصى والطوب والشوارع منورة والجو هادىء وجميل واخذ يمسك الحصى وينشن على لمبات الحى ويقذفها فتنكسر وتنطفىء اللمبات الى ان انقلب الحى من الانارة الى ظلام دامس وماذا تفعل الناس ؟
لقد ظهروا بمظهر نبيل فقد تعاونوا فيما بينهم وجمعوا الاموال واشتروا لمبات بدل من اللمبات التى كسرت شاعرين فيما بينهم بان الشاب الذى قام بذلك لو كان فى وعيه ما اقبل على مثل هذا العمل المشين وقد علموا انه شاب مؤدب وعلـى خلـق قويـم ولكـن مـا طـرا عليـه جعلـه يتصرف دون قصد منـه واساءة الى الغير 0
وقد حدث له هذه الحالة عند اقتراب امتحان الثانوية العامة وذلك كان فى ذروة مرضه فاجاب مادة اللغة العربية باللغة الانجليزية حتى ان المراقبين على الامتحان قد لمسوا حالته وما يعانيه من تعب نفسى متعاطفين معه فى صورة استعجاب واستغراب حتى ان نجاحه كان ميئوسا منه الى ان اتت عناية الله واعيد امتحان الثانوية العامة مرة ثانية حيث اذاعت اسرائيل وقتها ما اكتشفته من اسئلة لبعض المواد وان لم تكن المواد كلها قبل موعد الامتحان وحيث انه قد مثل للشفاء وان لم يكن الشفاء بالقدر المناسب فقد ادى الامتحان مرة اخرى ونجح ولكن ليس بالنجاح المطلوب والذى كان ينبغى لطالب ذكى ذا قدرة عاليه من الادراك والفهم ورغم فذاذته فى التعليم ورغم ان ادت به الظروف الى عدم مواصلة التعليم الا ان زملائه من الذين وصلوا الى اعلى الدرجات من العلم والمعرفة كانوا يكنون له فيما بينهم وبين انفسهم الاحترام لانهم يعلمون انه كان عمهم وتاج راسهم ولولا ظروفه التى احاطت به ما كل ولا مل فارادة الله فوق كل ارادة فرغم الذكاء الخارق الا ان الظروف حالت دون تحقيق ماربه ورغم كل هذا لم يياس فى عمله المتواضع الذى لو قيس بذكاءه وعبقريته لوجدناه ادنى من المتواضع 0
من هنا نعلم ان المستقبل بيد الله والارزاق بيد الله ونحن كبشر مسيرين وليس مخيرين فالله يسيرنا الى ما يشاء رغم اختيارنا لما نشاء ولكن الاختيار الاول والاخير لله الذى يختار لنا ما يشاء وانه يختار لنا الاصلح فكم من اناس كثيرين وغير متعلمين ولكن ارزاقهم واسعة فالله يرزق ما يشاء بغير حساب وقد يكلفون بعض المتعلمين كى يعملون لهم نظير اجر معين فقد قال بعض احد العلماء ومن المفسرين للقرآن الكريم قال وهو يلقى محاضرته على الحلقة الملتفه به والذى يقوم بوعظهم قال بيقولوا ابن فلان نفع وابن فلان منفعش فقيل له تعالى ياسيدى ومتزعلش اللى نفع شغال عند اللى منفعش وهذه حقيقة نلمسها ونراها رؤى العين وهذا دليل على هذه المقولة 0
وليس هذا بالدليل القاطع على اننا نترك العلم والتعليم كلا فقد امرنا الله سبحانه وتعالى بالعلم فى سورة القلم حين نزل سيدنا جبريل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى غار حراء وجذبه وقال له اقرأ فرد قائلا ما انا بقارىء فقال له جبريل اقرأ باسم ربك الذى خلق الى اخر السورة وما قاله نبينا فى فى احدى احاديثه " اطلبوا العلم ولو فى الصين " فقد يكون الطالب عبقريا فى صغره ولكن الظروف التى قد تؤدى به الى عدم مواصلة تعليمه لن تجعله يستسلم للحياة وانما يكافح ويكافح كى يعوض ما فاته وسبقه اليه من كانوا دونه فى صغره وايام فترة حياته الاول فمن اراد الله لانسان بشىء فلا بد من تحقيق ارادته فيه 0
فالخيرة فيمن اختارها الله لعبده فقد قال الله تعالى فى كتابه العزيز " بسم الله الرحمن الرحيم " عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم " صدق الله العظيم "
فكم من اناس نراهم عن قرب وقد وصلوا الى الدرجات العلا فى التعليم ولكن لو يوفقوا فى حياتهم مع اسرهم واولادهم وكم من اناس دون ذلك وحياتهم سعيدة موفقة مع اسرهم واولادهم فالانسان منا لم يحقق كل ما يريده او يصبوا اليه فالحياة لم تكتمل ابدا واذا اوشكت على الكمال لاى شخص فلا بد وان تنقص فالكمال لله وحده وعلينا نحن كبشر ان نعمل ونتقن عملنا ولكن التخطيط والتدبير فمن الله فهو الفعال لما يريد