وصل البخل باحد الرجال ذروته مع انه كان ثرى ومن ذوى الملاك المعدودين فى بلدته الا انه كان يتجول بغنماته فى السوق سائقا غنماته امامه كى تلتهم عروش البصل والثوم وورق الكرنب والكرنبيت المتناثرة هنا وهناك وقد لايخلوا السوق من عروش الفجل والجرجير وغيرها من الاصناف التى تباع فى السوق وهو يبدى غلاسته على الباعة بتناول برتقالة من هذا وتفاحة من ذاك حتى الفسيخ كان يمد يده وياخد منه بل وياخذ من كل شىء يصادفه مع الباعه فى استخفاف ومزاح وقد يسبونه ويشتمونه وهو يضحك لا يبالى بقذف هذا او سباب ذاك متخذا المزاح هذا وسيلة من وسائل الاستحواذ على كل شىء من السوق ويظل ياكل من كل ما امتدت اليه يده الى ان يملا بطنه وتمتلىء بطون غنماته والسوق فى البلدة ينصب فى الاسبوع مرتين يوم السبت والثلاثاء من كل اسبوع مكررا جولاته فى كل مرة اما فى ايام الاسبوع الخالية من السوق فيسوق غنماته الى المساكن الشعبية لتلتهم بقايا الطعام الملقى فى الزبالة وتلك الظاهرة تتكرر منه فى الايام التى تخلوا فيها الحقول من الحصاد والرعى اما اذا بدا موسم الحصاد ذهب بغنماته الى الحقل لتاكل ما تبقى من اعشاب بعد عملية الحصاد والذى يرى هذا منه يحكم عليه انه رجل فقير ومحتاج ومتخذا مزاحه وتقبله للسب واللعن وسيلة يسد بها رمقه فاصبحت تلك الظاهرة عادة تعود عليها هو وتعودت عليها الناس متغاضين عن ما ياخذه فصاحب البرتقال او التفاح او غيرهم يقول فى نفسه فيها ايه لما ياخدله واحده ومع ذلك الناس من الباعة وغيرهم يعلمون انه ثرى ثراء فاحش وقد وصلت دنائته الى انه يجلس امام بيته فى انتظار المستاجر منه يوميا فى ميعاد خروجه من العمل كى يقول له اتفضل ياحج وقد تعمد يوميا ان يترك بيته المقيم فيه هو واسرته فى نفس ميعاد خروج المستاجر من عمله ويجلس امام بيته المؤجر كى يتطفل على من يقول له اتفضل ياحج وكانت هذه الكلمة تقال له على سبيل المجاملة فيتخذها هو بصورة جدية ويصطحب المستاجر ويتناول معه وجبة الغذاء او العشاء ويشرب الشاى او القهوة وينصرف بعد ان يكون قد ملأ بطنه ولما لم يجد المستاجرين بدا من تكرار ذلك كفوا عن مجاملته وتغاضوا عنه فيقول لهم انتم اتعلمتوا البخل فمنهم من عزل وترك البيت باحثا عن شقة اخرى بعيده عن منزل هذا المتطفل الشره ومنهم من استمر على مضض فقد وصل به البخل والشح الى درجة انه يضم على القرش والقرش يتلوه قرش الى ان يكمل لديه عشرة جنيهات بعدها يمتطى حماره ويذهب الى البنك كى يودعها مع باقى نقوده المودعة بالبنك الى ان كون ثروة طائلة وقد اشترى اراضى كثيرة خارج البلدة والتى اصبحت بعد فترة وجيزة كردونا للمساكن فارتفع ثمنها واصبحت تباع بالمتر وقد قدرت ثروته بالملايين بعد وفاته وحتى قبل وفاته وبالرغم مما هو فيه من اموال طائلة ومواشى وعقارات الا ان هذا الثراء لم يبدوا عليه كرجل ثرى لا فى مظهره ولا فى ماكله وملبسه ولم يغير الثراء من طبيعته شىء وظل طول حياته كما هو لم يلبس جلبابا نظيفا ولم يكف عن تناول ما يحول له من الباعة ولم يكن فى يوم من الايام وقورا يعلوه الجلال والاحترام حتى انه كان يعمل جاهدا وبالحاح لتدوين اسمه فى احدى الجمعيات الخيرية مدعيا انه فقير وكى يشارك الفقراء فيما قد يتبرعون به الاغنياء والقادرين لتوزيعه على الفقراء والمحتاجين من ملابس واطعمه متمثلة فى اكياس الارز والدقيق واللحم فى عيد الاضحى المبارك والملابس فى عيد الفطر فمن هنا قد ترك ثروة لورثته هائلة وهم جميعا على شاكلته فى البخل والشح والامساك وسيذهبون محرومين من كل متع الحياة غير مخرجين زكاة لاموالهم كما ذهب والدهم من قبل ومال تكدس بلا فائدة فى الدنيا والاخرة ولن يعود عليهم بالخير بل تنظر اليهم وكاتنهم فقراء لايملكون شيئا فى حياتهم عادية بل اقل من عادية وقد علت وجوههم سمة الشح والبخل فلم يصلوا الرحم ولم يعينوا احد على نوائب الدهر فهم مكروهين ومنبوذين من اهلهم وذويهم بل انه اهلهم وذويهم لا يقلون فى مسلكهم عنهم اللهم ان كانت هناك كراهية فهذه تدل على انهم اقل منهم ثروة وغنى ليس الا ونحن نعلم ان البخيل بعيد عن الجنة قريب من النار والعكس صحيح فالكريم قريب من الجنة بعيد عن النار ونعلم ايضا ان المبذرين اخوان الشياطين ولقد قال النبى صلى الله عليه وسلم ان تذر ابناءك اغنياء خير من ان تذرهم فقراء يسالون الناس اعطوهم او منعوهم " فلا بد للذى اعطاه الله المال ان يصرفه فيما يرضى الله وليس فيما يغضبه ويخرج منه حق الله فى العطف على الفقراء والمساكين وايتاء الزكاة واخراج الصدقات فان الصدقة تطفأ غضب الرب ولا ينسى صلة الرحم فان صلة الرحم تطيل العمل وتوسع فى الرزق فالله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب
البخيل الثرى
Admin- Admin
- عدد المساهمات : 590
نقاط : 1769
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/11/2011
العمر : 35
الموقع : اسيوط
- مساهمة رقم 1